الفراق الأبدي

[عبير اكوام]

الفراق الابدي




في تمام الساعة الثالثة فجر الثلاثاء، في اليوم الثالث من شهر ربيع الأول ، في إحدى أركان المنزل الواسع، أمي الحبيبة كانت تتأوّه وتتألم من ذلك المرض الذي شلّ حركتها، الكل مجتمعين حولها، منّا المواسي ومنّا الباكي،أمّا أنا في سكون تام ، كأنّ الصمم أصابني من هول مارأيته، كنت أجهل أن بموت أمي الحبيبة ستحيا الأحزان، كنت أظن أنّ بموتها ربّما سترتاح من عذاب المرض، لم أعرف يا أمي أنّ من لحظة خروج روحك من جسدك، وبرودة أطرافك،وشخوص بصرك، وهدوء أنفاسك، ستبدأ رحلة العذاب في نفسي ، لقد جرحت جروحا لا دواء لها، لقد هــزّ كياني وصدمت عواطفي، لم أكن أعلم أنّ الحياة قاسية بل أقسى من الموت أحيانا،لم أعلم أن لغيابك لن يتبعه عودة، ولم أعلم أن غربتي ستظل تحتضنني إلى آخر مشوار حياتي، لا أصدق أنــّك تواريت وتلاشيت إلى الأبد ،لا أكاد أستوعب أنـــّك أصبحت ذكرى حزينة وتارة سعيدة، بعد أن كانت حياتي تتمحور حولك وبعد أن كانت سعادتي من أجلك، وبعد هذا كله أصبحت ذكرى محبوسة في داخل عقلي الباطني غير قادرة على التحرر. . .



فقيدتي الغالية:
أكبر مشكلة أواجهها الآن أنني لا أستطيع استرجاع يوم واحد من حياتي معك ، حتى إنّ شعور التنـاسي لا يتجرّأ على أن ينساك،لا يسعني يا أمي إلا أن أدعوا لك ليلا ونهارا بالرحمة والغفران من الغفور الرّحيم. . .


فقيدتي الغالية:
وداعا لا لقاء بعده إلا في جنات النعيم..
وداعا يا ذات الطّبع الهادئ،والحنان الرائع، وداعا يا نور السماء ويا قطرة الندى، وداعا يا أمّا فقدتها إلى الأبد ولم ترحل من ذاكرتي.



بقلمي\ عبير اكوام