عرض مشاركة واحدة
قديم 25-10-2008, 20:53   #2
معلومات العضو
المهدي عبيد
نجم الأمل
الصورة الرمزية المهدي عبيد







المهدي عبيد غير متصل

آخر مواضيعي

افتراضي

الفصل الثاني

وصلنا في نهاية الفصل الأول الى وصول معز الى حالة من الإرتباك و الخوف الشديد , و كيف لا و قد أدخل رغما عنه لغرفة التفتيش , و بتفتيشه أخرجت الأربع كلغ من المخدرات و بسرعة شديدة , قيدت يداه و سيق بالسرعة القصوى الى مركز مكافحة المخدرات وسط ذهوله الشديد , و أوقف من الغد أمام المحقق المكلف بتتبع تهمته و كان حوار الطرشان لم يفهم تهمته و لم يفهم ما ينطق به المحقق , و لا المحقق فهم شيئا من دفاعه , و سعى مركز مكافحة المخدرات الى التسريع بحل القضية بان استنجد بمترجم يفهم اللغة التايلندية و اللغة الفرنسية باعتبار أن كل شباب شمال إفريقيا يتكلم و يفهم هذه اللغة بشكل جيد , و حاول معز الدفاع عن نفسه باعتباره بريئا و أن الإجبار الذي تعرض له في حمل المخدرات يقنع بالبراءة لأن الإجبار في أي تهمة ينفي التهمة من أساسها , كذلك صديقة الحميم كارلو سوف لن يتركه وحيدا و هو متاكد من براءته ,و عولج كل شيء بسرعة على مستوى التحقيق , و لكنه بقي مدة طويلة في سجن مركز مكافحة المخدرات قبل العرض على المحكمة و أيقن خلال هذه المدة أنه كان ضحية لعبة أكبر منه , فصديقه كارلو لم يكن سوى عنصرا نشيطا من عناصر المافيا الإيطالية الشهيرة في كل العالم , و دوره كان اصطياد أمثاله من الشباب الذي يطمح لتغيير وضعه الإجتماعي و زوجته لم تكن سوى عنصرا من عناصر المافيا كذلك , و 19 شابا كانوا ضحايا مثله من عديد دول العالم , و كانت الخطة تستدعي أن تضحي المافيا بفرد من افرادها محققة مصالحا أخرى من وراء ذلك
أولا ترفع من قيمة جهاز مكافحة المخدرات لإحباطه لعملية تهريب , و بالتالي الحفاظ على نفس تركيبة المسؤولين عن الجهاز وهذا بالإتفاق مسبقا بين كل الأطراف و ثانيا وبالإتفاق كذلك تمر باقي الكمية بأمان و من حظ بطلنا العاثر أن كان الإتفاق عليه ليكون الضحية , و عرف أن هذه اللعبة دائمة السريان و العشرات مثله كان مصيرهم كمصيره , و صمم بعدها على متابعة البحث بربط الأمر بكارلو باعتبار أنه لو قبض عليه ستتوضح عديد الأشياء أهمها أنه ليس عنصرا بارزا أو يعمل لحسابه الخاص و أنه كان مجبرا على التنفيذ ,أو من يدري فقد " يصوغ الماء و الملح " في كارلو فينقذ صديقه , و لكن معز كان يحلم حيث لم تمض أياما قليلة , حتى و وصلته رسالة باسمه , يا الله , أخيرا تذكروني و عرفوا مكاني ,ممن اتت هذه الرسالة ؟ هل هي من أهله في سوسة أم من كارلو ؟ أم من صديق عرف قصته ؟ .. و كان ما في الرسالة آخر أمل له للخروج من الورطة و تاكد بعد الرسالة أن الأمر يفوقه و يفوق طاقته و أن اللعب مع المافيا لا يرحم , و أن آخر ما يمكن أن تفكر فيه المافيا هو التعامل الأخلاقي , كانت الرسالة لا تحوي الا صورة , صورة واحدة و وحيدة , صورة كارلو مقتولا بالرصاص في أحد شوارع ايطاليا , و فهم معز الرسالة بوضوح تام , فهم أن المافيا تركته لمصيره و الخيط الوحيد الذي يربطه بها قد انقطع الآن بقطع رأس كارلو , .
أصبح الأمر الآن قاسيا جدا , فهو مخنوق لدرجة لا توصف مع أناس لا يفهم حرفا واحدا من لغتهم و لا يفهمون منه شيئا الا بالإشارة , خصوصا و أن المترجم الفرنسي انتهى دوره بانتهاء التحقيق , و بعد انتهاء هذا التحقيق جاء دور المحاكمة , التي كانت كالمهزلة بالنسبة له , فكان وكيل النيابة يقف بالساعة يكيل له الاتهامات و هو يبتسم ابتسامة صفراء ساخرة لأنه لم يفهم ماذا يقول , و من أقسى الأشياء أن توضع في وضعية تحديد مصيرك و أنت كالأطرش لا تفهم ماذا يقال جميلا أم سيئا , و بعده يقف المحامي الموكل من المحكمة للدفاع عنه و هو كالعادة لا يدري ايبكي أم يضحك من حركاته و اهتزازاته فقد كان مثل صاحبة ينطق بما لا يدري معز أو يدرك , و بعد عديد الجلسات كان لا بد من اصدار الحكم , و اصدر في نهاية الأمر و كالعادة سمعه دون أن تتحرك له عضلة واحدة .... ببساطة لأنه لم يفهم شيئا , أخيرا , حاول محاميه أن يفهمه الحكم و بلغة انقليزية متوسطة أفهمه و عرف الحكم عليه , و يا له من حكم , فقد حكم عليه حكم الأجنبي في مثل هذا النوع من القضايا , كان الحكم مائة سنة سجنا,
... صاح من القهر يا إلاهي , يا ربي , يا رحيم , 100 سنة , و بحسبة بسيطة عرف أنه سيخرج من السجن وعمره 125 سنة , يا ملك الملوك , 100 سنة , شاب في مقتبل العمر , وسيما ,نشيطا , محبا لأهله , ينتظره مستقبل باسم , و بتهمة لا يعرفها يقضي 100 سنة خلف القضبان , أي ظلم هذا , و كيف سيعرف أهله في تونس أنه حي يرزق ؟ , كيف سيعيش مع أبرز المجرمين في السجن ؟ , كيف سيواجه مصيره المظلم ؟
بقي مصدوما لأيام , أحس بأنه مسكين , طلب من الله العلي القدير مساعدته , تمت الإجراءات بسرعة , و نقل الى السجن , كان سجنا رهيبا جدا و كبيرا جدا , أكبر سجن في تايلندا , له شهرة لا توصف في البلد , و تاكد معز من أول يوم في السجن من هذا الأمر , فهذا السجن العملاق يفوق عدد نزلائه الـ 3000 سجين يمثلون خليطا غريبا من تجار المخدرات الى عناصر الجريمة المنظمة الى مرتزقة قتل مدفوعي الأجر,و لا ينزل به الا اعتى رجال الإجرام , كانت الحياة داخل هذا السجن مغامرة يومية , ففي كل يوم هنالك تحدي بقاء , فالحياة في هذا السجن كالغابة تماما , البقاء للأقوى ,و لا يمضي يوم دون حدوث جريمة قتل أو عنف شديد أو... اغتصاب و معز ليس الأقوى على كل الأصعدة فهو ضعيف البنية و عربي مسلم و هؤلاء وجودهم بالكاد يذكر في السجن , و عرف أنه في تحد جديد و قاس و يجب أن يواجهه

كيف سييعيش معز مع هؤلاء ؟ كيف سيتصرف ؟ هل من أمل ؟

ذلك ما سوف تطالعونه في الجزء الثالث إن شاء الله