ذات المعطف الطويل
***************
كنت أعرفها من سنوات
كانت جميله فاتنة المظهر
شعرها طويل أشقر لامع
بيضاء البشرة...
عيناها كلون العسل الصافي
كانت رشيقة أنيقة ...دائمة الابتسام
و مع ذلك كان وجهها فيه شيء من الحزن
شفتاها وردتان ملتسقتان
يبرز من بينهما جواهر بيضاء تلمع
تنادي الضوء لتعكس نوره على الأعين
المهم انها كانت أجمل من وصفي لها
*******
كانت شخصيتها تلفت انتباهي...
كنت أحب أن أقلدها رغم صغر سني
أقلدها في كلامها....في زيها....
.....ضحكتها
حتى ذلك المعطف الطويل كان لي مثله
رأيتها تستمع لقارئة الفنجان.....
و يتمايل رأسها مع الألحان و الكلمات
صرت أحب سماع حليم...و قراءة أشعار نزار....
كان ذوقها في كل شيء جميل
حين كتبت أولى خواطري....
كانت أولى من قرأ كلماتي ....
فصفقت بيديها النحيلتين...
بحرارة صفقت...
وضمتني ...
و كتبت لي عبارات تشجيع راقية...
صرت أحب أن أكتب حتى أنال التشجيع منها
....نعم هي من جعلتني أعشق الأوراق و القلم
هي من كانت تهديني أروع الكتب و أبهى القصائد
هي...ذات المعطف الطويل
لكن ....غابت
....أقصد أنا غبت عنها
رحلت من جوارها ولم أعد أراها
مرت سنوات ...
كنت كلما عدت للوطن لا أصادف و أراها
لم أزرها ....أجل انشغلت مع الأيام و لم أزرها
سألت عنها ولا أحد أخبرني شيءا عن أخبارها
افتقدتها...........
مرت سنوات......
و عدت للوطن ثانية...
كنت أعانق نسيم البحر ...
أغمضت عيناي و استنشقت الهواء عميقا....
فأحسست بيد على كتفي..
فتحت عيناي لأرى من...
رأيت وجها نحيلا...نحيفا...
وعينان ذابلتان....
و ملامح تكسوها التجاعيد نوعا ما
رأيت امرأة يعتليها التعب ...
أو ربما تعاني مرض
حدقت فيها جيدا ...فابتسمت ابتسامة حزينة....
فعرفتها....انها هي....
ذات المعطف الطويل
عرفتها من ابتسامتها
شاب شعرها ...
في سنوات قليلة شاب....
آه كم تغيرت....
عانقتها بحرارة
...أحسست أنني آلمتها بعناقي
لم يتحمل جسدها ذلك العناق....
ما بها؟............
سألتني عن أحوالي ... و سألتها أنا.....
صمتت.....و امتلأت عيناها بالدموع
دمعت...لم تقل شيءا سوا أنها دمعت....
فصافحتني و غادرت....
جمدت في مكاني أتسائل ......ما بها ؟؟؟؟
انصرفت من المكان بخطا متعثرة....
و في يوم ...فكرت أن أزورها...
أن أجالسها كما كنا قبل سنوات...
أن أستمتع بحديثها...
آه كم أشتاق لحديثها
دهبت الى بيتها....طرقت الباب...
ففتحت الباب امرأة ...تشبهها....
لابد أنها والدتها...
فكانت فعلا والدتها...
سألتها لو يمكنني الدخول ...فقالت ..تفظلي
دخلت الى بيتها...كان غريبا
ليس كما عهدته من قبل...
كان شكله موحش...
و كأنه يفتقد لشيء...
سألت والدتها عنها...
فنزلت من عينها دمعة حزينه
فكان البيت فعلا يفتقد لشيء...
يفتقد ذات المعطف الطويل....
لقد ماتت
كان تغيرها بسبب المرض...
مرض قاتل...
أخد مني أغلى الأشخاص ...
ليست المرة الأولى التي يخذلني فيها هذا المرض
رحلت ذات المعطف الطويل
عجزت قارئة الفنجان أن تقرأ فنجانها
وكأنها حاولت فك ضفائر الحياة فكانت مفقودة
أفتقدك عزيزتي
آآه كم أشتاق اليك صديقتي
ذات المعطف الطويل
بقلم اسماء اخزان
تحياتي