المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البعد عن الحرام


وليد الوصيف
21-12-2009, 02:02
في معظم الأيام داخل الغرفة الواحدة التي تحمل ثلاث شباب مختلفين المحافظات جمعتهم هذه الغرفة في الغربة ولن تجمعهم الطباع ، عند النوم أبن الدقهلية لا يستطيع النوم إلا على أنغام الموسيقى الهادئة وصوت كوكب الشرق أم كلثوم ، وأبن الشرقية لا ينام إلا بعد ساعة من المشاهدة للأفلام الإباحية وهو ممتد على سريرة وموجه التليفزيون تجاهه وملفوف في لحافه العفن الذي شرب كثيراً من ماء ظهره أثناء المشاهدة في ظلام الغرفة البريئة من هذا وذاك ، أم أبن الصعيد كان قليل الكلام لا يتدخل فيما يرى وفيما يسمع ولا يستطيع النوم إلا بعد دقائق بسيطة من التمتمة بآيات من القرآن الكريم والذكر والتوحيد والصلاة على سيدنا ونبينا محمد عليه السلام بصوت لا يسمع وكأنه كان يحضر الملائكة في الغرفة لكي يطهرها من الشياطين ولكن دون جدوى ظلت الشياطين في الغرفة مع الملائكة وحضرت الملائكة لتحضن أبن الصعيد وتلعن الآخرين ، وبعد عام واحد من التحدي بين الملائكة والشياطين هربت الملائكة من الغرفة وأخذت معها أبن الصعيد للأبد لعلى وعسى يتعظ الآخرين مات أبن الصعيد في حادث مروري مات دون أدن جروح في جسده مات في شهر رمضان الكريم ولحظة موته عطرت الأرض كلها بماء السماء وحملنا الجسمان ووضعنه في سيارة الإسعاف ومنه لثلاجة الموتى وقمنا بعمل الإجراءات ألازمة لشحن الجسمان من السعودية إلى مصر وبعد الانتهاء من الإجراءات وحجز التذاكر على طائرة الجمعة الثانية ظهراً قبل شحن الجثمان قمنا بالصلاة على المتوفى بعد صلاة الجمعة في مسجد من أكبر مساجد المملكة وصلي على المتوفى عدد كبير جداً وتم شحنه وصل مصر وتم الصلاة عليه مرة أخرى في مسجد عمر مكرم بعد صلاة المغرب وعدد المصلين كان لا يقل عن ما قبله وأستلم أهل المتوفى الجثمان وغادر من القاهرة إلى الصعيد وأهل قريته رجال ونساء وأطفال في انتظاره منذ أسبوع وعند الوصول صلي الجميع عليه صلاة الجنازة بالطبع كان العدد أكثر من مجموع من صلي عليه في السعودية والقاهرة أتعظ أبناء غرفته لأيام وعاد كل منهم لعادته مرة أخرى بعد أيام بسيطة وكأن شيء لم يكن وأصبحت الغرفة سكن للشياطين فقط وباب مغلق في وجه الملائكة ، وبعد خمسة أشهر على التمام غارت الشياطين من الملائكة وأخذت أبن الشرقية كما أخذت الملائكة أبن الصعيد ولكنها أخذته بطريقتها المدمرة في الدنيا والآخرة كان يشاهد أفلام كعادته ولكنه هذه المرة كان جالس في ظلام الغرفة وفي يده سيجارة وزميله أبن الدقهلية مع الكاست والأنغام وفجأة مات أبن الشرقية والفلم مازال يتأوه ويصرخ وسقطت من يده السيجارة على لحافة العفن واشتعلت النار في الحاف وجسده ولن يتبقى منه سوى عظم مفحم من النار التي أبت الإطفاء إلا بعد أكل لحمه كله ولا يوجد جثمان لكي نقيم عليه الصلاة وتم إلقاء العظم في كيس أسود من أكياس الزبالة بوسيطة الشرطة ودفنهم دون صلاة بجوار البيت بجوار الغرفة نفسها وتم إلقاء ما تبقى من سريرة في صندوق الزبالة ، أظن أن الفرق واضح بين البعد عن الحرام والقرب منه ، وأبن المنصورة أتعظ بعد ذلك وإلى الآن متعظ ولم يترك الكاست ولكنه ترك الغناء واتجاها إلى القرآن والخطب والأحاديث وقرار أن لا يسكن معه في الغرفة إلا الملائكة وأن يساهم في فوز الملائكة بالغرفة إلى الأبد .


بقلم :وليد الوصيف